الأول- ذهب بعضهم إلى أن أنفال بدر قسمت من غير تخميس، ثم نزلت بعد ذلك آية الخمس، فنسخت الأولى.
قال ابن كثير: فيه نظر. ويرد عليه حديث عليّ بن أبي طالب في شارفيه اللذين حصلا له، من الخمس، يوم بدر. فالصواب أنها مجملة محكمة، بيّن مصارفها في آية الخمس.
الثاني- روي عن عطاء أنه فسر (الأنفال) بما شذّ من المشركين إلى المسلمين في غير قتال من دابة أو أمة أو متاع. قال: فهو نفل للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يصنع به ما يشاء.
قال ابن كثير: وهذا يقتضي أنه فسر (الأنفال) بالفيء، وهو ما أخذ من الكفار من غير قتال.
قلت: صدق (النفل) عليه، لا شك فيه، وأما كونه المراد من الآية بخصوصه، فلا يساعده سبب نزولها المارّ ذكره، لا سيما قوله: وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ المشير إلى التنازع المتقدم.
ثم قال ابن كثير: واختار ابن جرير أنها الزيادة على القسم، أي ما يدفع إلى الغازي زائدا على سهمه من المغنم، والكلام الذي قلته قبل، يجري هنا أيضا.
ونقل الرازي عن القاضي أن كل هذه الوجوه تحتمله الآية. قال: وليس فيها دليل على ترجيح بعضها على بعض، وإن صح في الأخبار ما يدل على التعين، قضى به. وإلا فالكل محتمل. وكما أن كل واحد منها جائز، فكذلك إرادة الجميع جائزة، فإنه لا تناقض بينها. أي لصدق (النّفل) عليها.
الثالث- وقع عند الزمخشري أن المسلمين اختلفوا في غنائم بدر، لمن الحكم فيها اللمهاجرين أم للأنصار، أم لهم جميعا؟ فأجيبوا بأن الحاكم فيها الرسول، وليس لأحد فيها حكم. وتأثر الزمخشري أبو السعود في سوقه لما ذكر، وزاد عليه اعتماده له، بتطويل مملّ. ولا أدري من أين سرت لهم هذه الرواية. فإن رواة الآثار لم يخرجوها في صحاحهم ولا سننهم، بل ولا أصحاب السير، كابن إسحاق وابن هشام. وهل يمكن للمسلمين أن يختلفوا للحكم على الغنائم، ويتنازعوا ولايتها، والرسول بين أظهرهم؟ ومتى عهد ذلك من سيرتهم؟ سبحانك