إِلَّا مَنْ تابَ أي عن ترك الصلوات واتباع الشهوات وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ متعلق بمضمر العائد إلى الجنات. أو من (عباده) أي وعدها إياهم ملتبسة أو ملتبسين بالغيب. أي غائبة عنهم غير حاضرة. أو غائبين عنها لا يرونها، وإنما آمنوا بها بمجرد الأخبار. أو بمضمر هو سبب للوعد أي وعدها إياهم بسبب إيمانهم، أفاده أبو السعود إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا أي لا يخلفه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٢ الى ٦٣]
لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً أي لا يسمعون فيها فضول كلام لا طائل تحته. وهو كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها. قال الزمخشريّ رحمه الله: فيه تنبيه ظاهر على وجوب تجنب اللغو واتقائه. حيث نزه الله عنه الدار التي لا تكليف فيها. وما أحسن قوله سبحانه: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [الفرقان: ٧٢] ، وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ [القصص: ٥٥] ، نعوذ بالله من اللغو والجهل والخوض فيما لا يعنينا.
ومعنى إِلَّا سَلاماً أي تسليما. تسليم الملائكة عليهم، أو بعضهم على بعض، على الاستثناء المنقطع كما قال: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً [الواقعة: ٢٥- ٢٦] ، وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا وهم المتصفون بشعب الإيمان، المسرودة في مواضع شتى من آي القرآن. ولما قص سبحانه من أنباء الأنبياء عليهم السلام ما قص، مثبتا له، وعقبه بما أحدثه الخلف، وذكر جزاءهم- عقبه بحكاية نزول جبريل عليه