الصلاة كقوله: وَاصْطَبِرْ عَلَيْها [طه: ١٣٢] ، ولا مانع من شموله للكل.
فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ أي في أعمالهم فيوفيهم أجورهم من غير بخس. قال أبو السعود: وإنما عبر عن ذلك بنفي الإضاعة، لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يمتنع صدوره عنه سبحانه، وإبراز الإثابة في معرض الأمور الواجبة مع الإيماء إلى أن الصبر على ما ذكر من باب الإحسان. انتهى.
وأشار الشهاب في (العناية) هنا إلى لطيفة من البلاغة القرآنية، وهو أن الأوامر بأفعال الخير أفردت للنبيّ صلى الله عليه وسلم وإن كانت عامة في المعنى، وفي المنهيات جمعت للأمة.
فَلَوْلا كانَ أي فهلا وجد مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ أي بعمل الشرور والمنكرات، فإن لو كان منهم ناهون لم يؤخذ الباقون إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ استثناء منقطع. أي لكنّ قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد، وسائرهم تاركون للنهي.
[لطيفة:]
(البقية) إما بمعنى الباقية، والتأنيث لمعنى الخصلة أو القطعة. أو بقية من الرأي والعقل. أو بمعنى الفضيلة، والتاء للنقل إلى الاسمية كالذبيحة. وأطلق على الفضل (بقية) استعارة من البقية التي يصطفيها المرء لنفسه. ويدخرها مما ينفقه، فإنه يفعل ذلك بأنفسها. ولذا قيل:(في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا) و (فلان من بقية القوم) أي من خيارهم وجوّز كون (البقية) مصدرا بمعنى (البقوى) ، كالتقية بمعنى التقوى، أي فهلا كان منهم ذوو إبقاء على أنفسهم، صيانة لها من سخطه تعالى وعقابه.
وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ أي ما صاروا منعّمين فيه من الشهوات، حتى