كالعشير- بلا هاء- مأخوذة من (العشرة) أي المعاشرة، لأنها من شأنهم، أو من (العشرة) الذي هو العدد لكمالهم، لأنها عدد كامل وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها أي اكتسبتموها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها أي فوات وقت نفادها بفراقكم لها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أي منازل تعجبكم الإقامة فيها من الدور والبساتين أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ أي المنعم بالكل وَرَسُولِهِ وهو واسطة نعمه وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ أي مما يعلي دينه فَتَرَبَّصُوا أي انتظروا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ أي بقضائه، وهو عذاب عاجل، أو عقاب آجل، أو فتح مكة، وهذا أمر تهديد وتخويف. أي فارتقبوا قهر الله بدعوى محبته بالإيمان، وتكذيبها بترجيح محبة غيره وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ أي الخارجين عن الطاعة في موالاة المشركين والمؤثرين لما ذكر على رضاه تعالى.
[تنبيهات:]
الأول- قال بعضهم: ثمرة الآيتين تحريم موالاة الكفار، ولو كانوا أقرباء، وأنهم كبيرة لوصف متوليهم بالظلم، ووجوب الجهاد، وإيثاره على كل هذه المشتهيات المعدودة طاعة لله ورسوله.
الثاني- قال الرازي: الآية الثانية تدل على أنه إذا وقع التعارض بين مصلحة واحدة من مصالح الدين، وبين جميع مهمات الدنيا. وجب على المسلم ترجيح الدين على الدنيا.
الثالث- في هذه الآية وعيد وتشديد، لأن كل أحد قلما يخلص منها، فلذا قيل إنها أشد آية نعت على الناس كما فصّله في (الكشاف) بقوله:
وهذه آية شديدة لا ترى أشدّ منها، كأنها تنعي على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين، واضطراب حبل اليقين فلينصف أورع الناس وأتقاهم من نفسه، هل يجد عنده من التصلب في ذات الله، والثبات على دين الله، ما يستحبّ له دينه على الآباء والأبناء والأخوات والعشائر والمال والمساكن وجميع حظوظ الدنيا، ويتجرّد منها لأجله؟ أم يزوي الله عنه أحقر شيء منها لمصلحته فلا يدري أيّ طرفيه أطول؟ ويغويه الشيطان عن أجلّ حظ من حظوظ الدين، فلا يبالي كأنما وقع على أنفه ذباب فطيّره؟! وقوله تعالى: