يقال: ناشه ينوشه، وتناوشه القوم. ويقال تناوشوا في الحرب. ناش بعضهم بعضا.
وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون. وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا. مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة، كما يتناوله الآخر من قيس ذراع، تناولا سهلا لا تعب فيه. انتهى. أي ففيه استعارة تمثيلية. شبه إيمانهم حيث لا يقبل، يمن كان عنده شيء يمكن أخذه، فلما بعد عنه فرسخا، مد يده لتناوله. وقوله:
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ حال أو معطوف أو مستأنف. والأول أقرب. وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي يرجمون بالظن فيتكلمون بما لم ينشأ عن تحقيق من أقوالهم الباطلة. كقولهم: ساحر وشاعر ومجنون وما نحن بمبعوثين. ونحو ذلك.
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ أي من نفع الإيمان يومئذ، والنجاة به من النار. أو من أن يدال لهم الأمر. لأنه جاء نصر الله والفتح كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ أي بأشباههم من كفرة الأمم إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ من (أرابه) أوقعه في ريبة وتهمة. فالهمزة للتعدية. أو من (أراب الرجل) أي صار ذا ريبة. وهو مجاز، إما بتشبيه الشك بإنسان، على أنه استعارة مكنية وتخييلية. أو على أنه إسناد مجازيّ، أسند فيه ما لصاحب الشك، للشك، للمبالغة. أفاده الشهاب.
[تنبيه:]
في الإكليل قال ابن الفرس: احتج بهذه الآية بعض المفسرين، على أن الشاك كافر. وردّ بها على من زعم أنه ليس بكافر، وأن الله لا يعذب على الشك. انتهى.
وعن قتادة: إياكم والشك والريبة. فإن من مات على شك بعث عليه. ومن مات على يقين بعث عليه.
أحيانا الله وبعثنا على اليقين. إنه أرحم الراحمين. ووليّ المؤمنين.