٥- وقع في كلام السلف تفسير (الباقيات الصالحات) بالصلوات وأعمال الحج والصدقات والصوم والجهاد والعتق وقوله (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) والكلام الطيب، وبغيرهما، مما روي مرفوعا وموقوفا. والمرفوع من ذلك كله لم يخرّج في الصحيحين. وكله على طريق التمثيل. وإن اللفظ الكريم يتناولها لكونها من أفراده.
ثم أشار تعالى إلى تحذير المشركين من أهوال القيامة، التي هي الوعد الحق والفيصل الصدق، بقوله سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٤٧]]
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧)
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ أي اذكر يوم نقلعها من أماكنها ونسيّرها في الجوّ. كما ينبئ عنه قوله تعالى: وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ [النمل: ٨٨] ، أو نسير أجزاءها بعد أن نجعلها هباء منبثّا وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً لبروز ما تحت الجبال، أي ظهوره، بنسفها وبروز ما عداه بزوال الجبال والكثب.
حتى تبدو للعيان سطحا مستويا، لا بناء ولا شجر ولا معلم ولا ما سوى ذلك وَحَشَرْناهُمْ أي جمعناهم إلى موقف الحساب فَلَمْ نُغادِرْ أي نترك مِنْهُمْ أَحَداً أي لا صغيرا ولا كبيرا. كما قال: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة: ٤٩- ٥٠] ،، وقال: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [هود: ١٠٣] .
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٤٨]]
وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨)
عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا
أي مصطفّين مترتبين في المواقف، لا يحجب بعضهم بعضا كل في رتبته، قاله القاشانيّ.
وقال أبو السعود: (صفّا) أي غير متفرقين ولا مختلطين. فلا تعرّض فيه لوحدة الصف وتعدّده.
قال الزمخشريّ: شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان،