للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينه؟ قلت: قد وقع الفاصل بينهما اعتراضا غير أجنبي من المعدود. وذلك أن الله عز وجل منّ على عباده بإنشاء الأنعام لمنافعهم وبإباحتها لهم. فاعترض بالاحتجاج على من حرمها. والاحتجاج على من حرمها تأكيد وتسديد للتحليل. والاعتراضات في الكلام لا تساق إلا للتوكيد. انتهى.

[تنبيه:]

دلت الآية على إباحة لحوم أكل الأنعام. وذلك معلوم من الدين ضرورة.

وكذلك الانتفاع بالركوب فيما يركب، والافتراش للأصواف والأوبار والجلود. وعلى ردّ ما كانت الجاهلية تحرّمه بغير علم.

قال المؤيد بالله: ويدخل الإنسيّ والوحشيّ في قوله: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ. وردّ بأن قوله تعالى ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ بيان للأنعام. والأنعام لا تطلق على الوحشي. أفاده بعض مفسري الزيدية.

ثم أمر تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم- بعد إلزام المشركين وتبكيتهم وبيان أن ما يتقوّلونه في أمر التحريم افتراء بحت- بأن يبيّن لهم ما حرمه عليهم، فقال سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٥]]

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥)

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً أي طعاما محرما من المطاعم عَلى طاعِمٍ أي: أيّ طاعم كان من ذكر أو أنثى. ردّا على قولهم مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وقوله يَطْعَمُهُ لزيادة التقرير إِلَّا أَنْ يَكُونَ أي ذلك الطعام مَيْتَةً. قال المهايمي:

والموت سبب الفساد. فهو منجس، إلا أن يمنع من تأثيره مانع من ذكر اسم الله، أو كونه من الماء، أو غيرهما أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أي سائلا لا كبدا أو طحالا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ لتعوّده أكل النجاسات أَوْ فِسْقاً أي: خروجا عن الدين الذي هو كالحياة المطهّرة أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ أي ذبح على اسم الأصنام ورفع الصوت على ذبحه باسم غير الله. وإنما سمي (ما أهلّ به لغير الله) فسقا، لتوغله في باب الفسق ومنه قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ. فَمَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>