في المعجزات والدعوة إلى الحق، والقيام بالخيرات في أنفسهم، كان الكفر بواحد منهم كفرا بالكل. بل وبالله. إذ يعتقدون فيه أنه صدّق الكاذب بخلق المعجزات.
كذا في (التبصير) وَيُرِيدُونَ أي: بقولهم ذلك أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ أي بين الإيمان ببعض، والكفر ببعض سَبِيلًا دينا يسلكونه. مع أنه لا واسطة بينهما قطعا.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٥١]]
أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا أي الذين كفروا كفرا ثابتا لا ريب فيه. فلا عبرة بمن ادعوا الإيمان به. لأنه ليس شرعيّا. إذ لو كانوا مؤمنين به لكونه رسول الله، لآمنوا بنظيره، وبمن هو أوضح دليلا وأقوى برهانا منه وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً يهانون به. وهو عذاب جهنم. أي: كما استهانوا بمن كفروا به، إما لعدم نظرهم فيما جاءهم به من الله وإعراضهم عنه، وإقبالهم على جمع حطام الدنيا. وإما بكفرهم به، بعد علمهم بنبوته، كما كان يفعله كثير من أحبارهم في عهده صلى الله عليه وسلم.
حيث حسدوه على ما آتاه الله من النبوة العظيمة. وخالفوه وكذبوه وعادوه وقاتلوه.
فسلط الله عليهم الذل الدنيويّ الموصول بالذل الأخرويّ. وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله في الدنيا والآخرة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٥٢]]
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ كلهم وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ يعني بهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. فإنهم يؤمنون بكل نبيّ بعثه الله. ولا يفرقون بين أحد منهم، بأن يؤمنوا ببعضهم ويكفروا بآخرين. كما فعله الكفرة أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أي: يعطيهم أُجُورَهُمْ ثواب إيمانهم بالله ورسله في الآخرة وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً أي: لما فرط منهم رَحِيماً مبالغا في الرحمة عليهم، بتضعيف حسناتهم.
ثم بيّن تعالى ما جبل عليه اليهود من اللجاج والعناد، والبعد عن طريق الحق، بقوله: