المطلب في استسقائه. اللهم! إنه لم ينزل بلاء إلّا بذنب ولم يرفع إلا بتوبة..!
على هذه السنن، جرى سلف الأمة، فبينما كان المسلم يرفع روحه بهذه العقائد السامية. ويأخذ نفسه بما يتبعها من الأعمال الجليلة كان غيره يظن أنه يزلزل الأرض بدعائه، ويشق الفلك ببكائه، وهو ولع بأهوائه. ماض في غلوائه، وما كان يغني عنه ظنه من الحق شيئا..!
ولما خوّف تعالى العباد بإنزال ما لا مردّ له، أتبعه ببيان آيات قدرته وقهره وجلاله.
فقال سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الرعد (١٣) : الآيات ١٢ الى ١٣]
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً أي من الصواعق وَطَمَعاً أي المطر أن يحيي النبات وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ أي الماء وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ أي يسبح سامعوه من العباد الراجين للمطر متلبسين بحمده، أي: يضجون ب (سبحان الله والحمد لله) فيكون على حذف مضاف أو إسنادا مجازيّا للحامل والسبب، أو يسبح الرعد نفسه، بمعنى دلالته على وحدانيته تعالى وفضله، المستوجب لحمده. فيكون الإسناد على حقيقته والتجوّز في التسبيح والتحميد. إذ شبه دلالته بنفسه على تنزيهه عن الشرك والعجز بالتسبيح والتنزيه اللفظيّ. ودلالته على فضله ورحمته، بحمد الحامد لما فيها من الدلالة على صفات الكمال.
قال الرازي: الرعد اسم لهذا الصوت المخصوص. والتسبيح والتقديس وما يجري مجراهما. ليس إلّا وجود لفظ يدل على حصول التنزيه والتقديس لله سبحانه وتعالى. فلما كان حدوث هذا الصوت دليلا على وجود متعالي عن النقص والإمكان، كان ذلك في الحقيقة تسبيحا وهو معنى قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الإسراء: ٤٤] .
وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ أي: وتسبح الملائكة من خوف الله تعالى وخشيته