وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ أمر مبتدأ لهم، بأن يحكموا ويعملوا بما فيه من الأمور التي من جملتها: دلائل رسالته عليه الصلاة والسلام، وشواهد نبوّته. وقيل: هو حكاية للأمر الوارد عليهم. بتقدير فعل معطوف على (ءاتيناه) :
وقلنا ليحكم أهل الإنجيل. وقرئ (وليحكم) بالنصب على أن اللام (لام كي) أي:
آتيناه الإنجيل ليحكم أهل ملته به في زمانهم.
قال بعض المحققين: وإنما خص أهل الإنجيل بالذكر، لبيان أن الإنجيل لم ينزله الله للأمم كافة وأن شريعته ليست باقية لكل زمان. لأن بعثة عيسى عليه السلام كانت خاصة بالأمة اليهودية.
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أي: الخارجون عن طاعة ربهم، المائلون إلى الباطل، التاركون للحقّ.
[تنبيه:]
في هذه الآية والآيتين المتقدمتين، من الوعيد ما لا يقادر قدره. وقد تقدم أنّ هذه الآيات، وإن نزلت في أهل الكتاب، فليست مختصة بهم، بل هي عامة لكل من لم يحكم بما أنزل الله، اعتبارا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ويدخل فيه السبب دخولا أوليّا.
وفي (فتح البيان) في تفسير هذه الآيات، مباحث نادرة سابغة الذيل. فلتراجع.
ولما ذكر تعالى التوراة التي أنزلها على موسى كليمه، وأثنى عليها وأمر باتباعها، ثم ذكر الإنجيل ومدحه وأمر باتباعه- شرع في التنويه بالقرآن العظيم الذي أنزله على رسوله الكريم، فقال: