اليهود والنصارى أو المشركين، أو يكره سماع القرآن وينفر عنه، ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار، ويؤثر سماع مزامير الشيطان، على سماع كلام الرحمن، فهذه علامات أولياء الشيطان، لا علامات أولياء الرحمن- انتهى ملخصا-.
والكتاب مما يلزم الوقوف عليه، ومطالعته بالحرف. ففيه من الفوائد ما لا يوجد في غيره، فرحم الله جامعه، وجزاه خيرا. وقوله تعالى:
وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ، إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً، هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم عما كان يسمعه من تآمرهم في إيصال مكروه له، ومجاهرتهم بتكذيبه، ورميه بالسحر ونحوه أي: لا تتأثر بقولهم، وشاهد غز الله وقهره، لتنظر إليهم بنظر الفناء وترى أعمالهم وأقوالهم، وما يهددونك به كالهباء، فمن شاهد قوة الله وعزته يرى كل القوة والعزة له، لا قوة لأحد ولا حول. فقوله تعالى: فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ [النساء:
١٣٩] ، تعليل للنهي على طريقة الاستئناف، كأنه قيل: ما لي لا أحزن؟ فقيل: إن العزة لله، أي الغلبة والقهر في ملكته وسلطانه لا يملك أحد شيئا منها أصلا، لا هم ولا غيرهم، فهو يغلبهم، وينصرك عليهم كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [المجادلة:
٢١] . إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا [غافر: ٥١] ، وقوله: هُوَ السَّمِيعُ أي لأقوالهم فيك، فيجازيهم الْعَلِيمُ أي لما ينبغي أن يفعل بهم.
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ أي كلهم تحت ملكته وتصرفه وقهره، لا يقدرون على شيء بغير إذنه ومشيئته وإقداره إياهم. وقوله: وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ تأكيد لما سبق من اختصاص العزة به تعالى، لتزيد سلوته صلوات الله عليه وبرهان على بطلان ظنونهم وأقوالهم المبنية عليها. وفي (ما) من قوله وَما يَتَّبِعُ وجهان:
أحدهما- أنها نافية، و (شركاء) مفعول (يتبع) ومفعول (يدعون) محذوف