للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إليك) . والكتاب أنزل للنبيّ ولأتباعه. قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [يونس: ٥٧] كذا في حواشي الشذور. وقد أشار الزمخشريّ بقوله (كانوا أبعد همة) إلى ردّ ما نقل، أن عثمان رضي الله عنه، لما فرغ من المصحف أتى به إليه. فقال: قد أحسنتم وأجملتم. أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها. ولو كان المملي من هذيل والكاتب من قريش، لم يوجد فيه هذا.

قال الحافظ السخاويّ: هذا الأثر ضعيف. والإسناد فيه اضطراب وانقطاع. لأن عثمان رضي الله عنه جعل للناس إماما يقتدون به. فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها؟ وقد كتب مصاحف سبعة وليس فيها اختلاف قط، إلا فيما هو من وجوه القراءات. وإذا لم يقمه هو ومن باشر الجمع، كيف يقيمه غيرهم؟

وتأول قوم اللحن في كلامه (على تقدير صحته عنه) بأن المراد الرمز والإيماء كما في قوله:

منطق رائع وتلحن أحيا ... نا. وخير الكلام ما كان لحنا

أي: المراد به الرمز. بحذف بعض الحروف خطّا. كألف (الصّابرين) مما يعرفه القراء إذا رأوه. وكذا زيادة بعض الحروف. كذا في (عناية الراضي) وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ رفعه بالعطف على الرَّاسِخُونَ أو على الضمير في يُؤْمِنُونَ أو على أنه مبتدأ، والخبر أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ. والوجوه المذكورة تجري في الْمُقِيمِينَ على قراءة الرفع وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يعني: والمصدقون بوحدانية الله تعالى وبالبعث بعد الموت وبالثواب والعقاب. وإنما قدم الإيمان بالأنبياء والكتب وما يصدقه من اتباع الشرائع، لأنه المقصود في هذا المقام. لأنه لبيان حال أهل الكتاب وإرشادهم. وهم كانوا يؤمنون ببعض ذلك ويتركون بعضه. فبيّن لهم ما يلزمهم ويجب عليهم أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً يعني الجنة. لجمعهم بين الإيمان الصحيح والعمل الصالح.

[لطيفة:]

في الآية وجوه من الإعراب. أحسنها ما اعتمده أبو السعود، من أن جملة أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ إلخ خبر للمبتدأ الذي هو الرَّاسِخُونَ وما عطف عليه. وأن جملة يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إلخ حال من الْمُؤْمِنُونَ مبينة لكيفية إيمانهم. أو اعتراض مؤكد لما قبله. قال: وهذا أنسب بتجاوب طرفي الاستدراك حيث أوعد الأولون بالعذاب الأليم ووعد الآخرون بالأجر العظيم. كأنه قيل إثر قوله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>