وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٨٥]]
قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥)
قالُوا أي أولاد يعقوب، لأبيهم على سبيل الرفق به، والشفقة عليه: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أي مريضا مشفيا على الهلاك، أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ أي بالموت. يقولون: إن استمر بك هذا الحال، خشينا عليك الهلاك والتلف، واستدل به على جواز الحلف بغلبة الظن. وقيل: إنهم علموه، لكنهم نزّلوه منزلة المنكر، فلذا أكّدوه. وتَفْتَؤُا مضارع فتئ، مثلثة التاء. يستعمل مع النفي ملفوظا أو منويّا لأن موضعه معلوم، فيحذف للتخفيف كقوله:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي: لا أبرح. ومعنى (تفتأ) : لا تزال ولا تبرح.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٨٦]]
قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٦)
لَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي
أي غمي وحالي. حُزْنِي إِلَى اللَّهِ
أي لا أشكو إلى أحد منكم ومن غيركم، إنما أشكو إلى ربي داعيا له، وملتجئا إليه، فخلّوني وشكايتي.
أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ
أي لمن شكا إليه من إزالة الشكوى، ومزيد الرحمةا لا تَعْلَمُونَ
ما يوجب حسن الظن به، وهو مع ظن عبده به.
ولما علم من شدة البلاء مع الصبر، قرب الفرج، قوّى رجاءهم، وأمرهم أن يرحلوا لمصر، ويتطلبوا خبر يوسف وأخيه بقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٨٧]]
يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (٨٧)
يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ أي تعرّفوا من نبئهما، وتخبروا