للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي مباشرة البدن. وبقوله مِائَةَ جَلْدَةٍ على أنه لا يكتفي بالضرب بها مجموعة ضربة واحدة، صحيحا كان أو مريضا. وفي قوله تعالى: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ الحث على إقامة الحدود والنهي عن تعطيلها. وأنه لا يجوز العفو عنها للإمام ولا لغيره، وفيه ردّ على من أجاز للسيد العفو. فاستدل بالآية من قال: إن ضرب الزنى أشد من ضرب القذف والشرب. وفي قوله تعالى وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما إلخ، استحباب حضور جمع، عند جلدهما. وأقله أربعة عدد شهود الزنى. وقيل: عشرة، وقيل ثلاثة وقيل: اثنان. انتهى.

وتقدم عن ابن جرير أن الطائفة تصدق بالواحد، لغة. فتذكر. وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النور (٢٤) : آية ٣]]

الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)

الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

لما أمر الله بعقوبة الزانيين، حرم مناكحتهما على المؤمنين، هجرا لهما ولما معها من الذنوب كقوله: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر: ٥] ، وجعل مجالس فاعل ذلك المنكر، مثله بقوله: إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء: ١٤٠] ، وهو زوج له قال تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصافات: ٢٢] ، أي عشراءهم وأشباههم.

ولهذا يقال: (المستمع شريك المغتاب) ورفع إلى عمر بن عبد العزيز قوم يشربون الخمر. وكان فيهم جليس لهم صائم، فقال ابدءوا به في الجلد ألم يسمع قول الله تعالى فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ [النساء: ١٤٠] ، فإذا كان هذا في المجالسة والعشرة العارضة حين فعلهم المنكر، يكون مجالسهم مثلا لهم، فيكف بالعشرة الدائمة:

(والزوج) يقال له: العشير. كما

في الحديث «١»

(ويكفرن العشير)

وأخبر أنه لا يفعل ذلك إلا زان أو مشرك. أما المشرك فلا إيمان له يزجره عن الفواحش ومجامعة أهلها. وأما الزاني ففجوره يدعوه إلى ذلك، وإن لم يكن مشركا. وفيها دليل على أن الزاني ليس بمؤمن مطلق الإيمان. وإن لم يكن مشركا كما

في الصحيح (لا يزني


(١) أخرجه البخاري في: الحيض، ٦- باب ترك الحائض الصوم، حديث ٢١٥، عن أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>