من الذنوب وما يسر منها، ويستتر فيه.
قال السديّ: ظاهره الزنا مع البغايا ذوات الرايات، وباطنه مع الخليلة والصدائق والأخدان. ولا يخفى أن اللفظ عامّ في كل محرم، ولذا قال قتادة: أي سره وعلانيته، قليله وكثيره، وصغيره وكبيره. كقوله تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ [الأعراف: ٣٣] .
إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ أي: يكتسبون. قال الشهاب: الاقتراف في اللغة الاكتساب، وأكثر ما يقال في الشر والذنب. ولذا قيل:
الاعتراف يزيل الاقتراف وقد يرد في الخير كقوله تعالى: وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً [الشورى: ٢٣] انتهى.
وقد روى «١» مسلم وغيره عن نوّاس بن سمعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البرّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس.
قال الحاكم: في الآية دلالة على أن العبد يؤاخذ بأفعال القلب، كما يؤاخذ بأفعال الجوارح. أي: على التفسير الأول فيها.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٢١]]
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أي: عند ذبحه. أي: بأن ذكر عليه اسم غيره، يعني: ذبح لغيره تعالى. وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ والفسق ما أهلّ لغير الله به، كما في الآية الآتية آخر السورة. قال المهايمي. وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ أي: خروج عن الحسن إلى القبح، بتناول ما تنجس بالموت بلا مانع عن تأثيره. وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ أي.
يوسوسون إِلى أَوْلِيائِهِمْ أي: من الكفار، لِيُجادِلُوكُمْ أي: في تحليل الميتة، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أي: في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل، إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ أي: لهم مع الله، فيما يختص به من التحليل والتحريم.
[تنبيهات:]
الأول-
روي في سبب نزول هذه الآيات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(١) أخرجه مسلم في: البر والصلة والآداب، حديث رقم ١٥.