للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١٨ الى ٢٠]

إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠)

إِنَّهُ فَكَّرَ أي ماذا يقول في هذه الآيات الكريمة والذكر الحكيم وَقَدَّرَ أي في نفسه ما يقوله وهيأه.

فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ أي لعن، كيف قدر ذلك الافتراء الباطل، واختلق ما يكذبه وجدانه فيه.

ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تكرير للمبالغة في التعجب منه، وقد اعتيد فيمن عجب غاية التعجب أنه يكثر من التعجب ويكرره.

وثُمَّ للدلالة على الثانية أبلغ في التعجب من الأولى للعطف ب (ثمّ) الدالة على تفاوت الرتبة. فكأنه قيل: قتل بنوع ما من القتل، لا بل قتل بأشده وأشده. لذا ساغ العطف فيه، مع أنه تأكيد.

وقد جوز الزمخشري في هذه الجملة ثلاثة أوجه: أن تكون تعجيبا من تقديره وإصابته فيه المحزّ ورميه الغرض الذي كان تنتحيه قريش. أو ثناء عليه على طريقة الاستهزاء به، أو حكاية لما ذكره من قولهم: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تهكما بهم وبإعجابهم بتقديره، واستعظامهم لقوله.

ثم قال: ومعنى قول القائل: قتله الله، ما أشجعه، وأخزاه الله، ما أشعره، الإشعار بأنه قد بلغ المبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٢١ الى ٢٥]

ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)

ثُمَّ نَظَرَ أي في ذلك المقدّر. أي تروّى فيه. قال الرازيّ: وهذه المرتبة الثالثة من أحوال قلبه. فالنظر الأول للاستخراج، واللاحق للتقدير، وهذا هو الاحتياط.

وقال غيره: ثُمَّ نَظَرَ أي في وجوه القوم.

ثُمَّ عَبَسَ أي قطب وجهه كبرا وتهيئوا لقذف تلك الكبيرة وَبَسَرَ أي

<<  <  ج: ص:  >  >>