بكرة، وإلى البيهقيّ، عن أبي إسحاق السبيعيّ مرسلا- ورمز له بالضعف-.
وأسند في (الدر المنثور) عن منصور بن الأسود قال: سألت الأعمش عن قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم.
وأخرج نحوه عن مالك بن دينار وكعب والحسن.
قال أبو الليث السمرقنديّ في (تفسيره) : ويقال في معنى الآية: نسلط على بعض الظالمين بعضا فيهلكه أو يذلّه. قال: وهذا كلام لتهديد الظالم، لكي يمتنع عن ظلمه. ويدخل في الآية جميع من يظلم: من راع في رعيته، وتاجر في تجارته، وسارق، وغيرهم.
قال الفضيل بن عياض: إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم، فقف وانظر فيه متعجبا. انتهى.
وقال ابن كثير: معنى الآية الكريمة: كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التي أغوتهم من الجن، كذلك نفعل بالظالمين، نسلط بعضهم على بعض، ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض، جزاء على ظلمهم وبغيهم.
ثم بين تعالى ما سيكون من توبيخ الكفار من الفريقين يوم القيامة، إثر بيان توبيخ الجن بإغواء الإنس وإضلالهم، وأعلم أنه لا يكون لهم إلى الجحود سبيل، فيشهدون على أنفسهم بالكفر، وأنهم لم يعذبوا إلا بالحجة، فقال تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٣٠]]
يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠)
مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ
أي: في الدنياسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي
بالأمر والنهي يُنْذِرُونَكُمْ
يخوفونكم قاءَ يَوْمِكُمْ هذا
وهو يوم الحشر الذي قد عاينوا فيه أفانين الأهوال. الُوا
يعني الجن والإنس. هِدْنا عَلى أَنْفُسِنا
أي: أقررنا بإتيان الرسل وإنذارهم، وبتكذيب دعوتهم، كما فصّل في قوله تعالى: قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ [الملك: ٩] .