للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين ما داموا متمسكين بآداب الدين، محافظين عليها، قائمين بها حق القيام، فإن النصر قائدهم والظفر رائدهم، ولذا أصبح المسلمون في القرون الأخيرة بحالهم.

حجة على دينهم أمام عدوهم. ولا مسترد لقولهم، ومستعاد لمجدهم، إلا بالرجوع إلى أصل كتابهم، والعلم بآدابه، والمحافظة على أحكامه، ونبذ ما ألصق به، مما يحرف كلمته، ويجافي حقيقته، وللحكماء في هذا الموضوع مقالات معروفة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الممتحنة (٦٠) : آية ٦]]

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦)

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ تكرير لوجوب التأسي بإبراهيم وأصحابه، لمزيد الحث على التبرؤ من المشركين، والاسترسال إليهم. فإن محبة المفسدين فيها تخريب لمباني الحق، وتوهين لقوى أهله، وتشكيك لضعفاء القلوب، مما يفسد عمل المخلصين، ويزلزل مساعيهم، ويفتن أعداءهم بهم، لذلك كان البغض في الله من شعب الإيمان، لأن الحق لا يقوى إلا باعتصاب أهله على كلمته، ورمي أعدائه عن قوس واحدة. وفي إبدال لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ من لَكُمْ دلالة على أنه لا ينبغي لمؤمن أن يترك التأسي بهم، وأن تركه مؤذن بسوء العقيدة. ولذلك عقبه بقوله: وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

أي من يتول عما أمر به، ويوالي أعداد الله، ويلقي إليهم بالمودّة، فإنه لا يضرّ إلا نفسه، والله هو الغني عن إيمانه به وطاعته، المحمود على كل حال.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الممتحنة (٦٠) : آية ٧]]

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧)

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ هذا وعد منه تعالى، وقد أنجزه بأن أسلم كثير منهم بعد، وصاروا لهم أولياء وأحزابا. والآية من معجزات القرآن، لما فيها من الإخبار عن مغيب، وقع مصداقه.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الممتحنة (٦٠) : الآيات ٨ الى ٩]

لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>