بقياسه على البيع. ولا شك أن من تعاطى معاملة الربا مستحلا لها مكابرا في تحريمها، مسندا إحلالها إلى معارضة آيات الله البينات، بما يتوهمه من الخيالات- فقد كفر ثم ازداد كفرا. وإذ ذاك يكون الموعود بالخلود في الآية من يقال إنه كافر مكذب غير مؤمن. وهذا لا خلاف فيه، فلا دليل إذا للمعتزلة على اعتزالهم في هذه الآية. والله الموفق. أشار لذلك في الانتصاف.
قال في فتح البيان: والمصير إلى هذا التأويل واجب، للأحاديث المتواترة القاضية بخروج الموحدين من النار.
يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا أي يذهب ريعه ويمحو خيره، وإن كان زيادة في الظاهر فلا ينتفع به في الآخرة كما قال تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ [الروم: ٣٩] ، وقال تعالى: وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ [الأنفال: ٣٧] . وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ أي يكثرها وينميها وإن كانت نقصانا في الشاهد.
[فوائد:]
الأولى قال القاشانيّ: لأن الزيادة والنقصان إنما يكونان باعتبار العاقبة والنفع في الدارين. والمال الحاصل من الربا لا بركة له لأنه حصل من مخالفة الحق. فتكون عاقبته وخيمة وصاحبه يرتكب سائر المعاصي. إذ كل طعام يولّد في آكله دواعي وأفعالا من جنسه. فإن كان حراما يدعوه إلى أفعال محرمة، وإن كان مكروها فإلى أفعال مكروهة. وإن كان مباحا فإلى مباحة. وإن كان من طعام فضل فإلى مندوبات، وكان في أفعاله متبرعا متفضلا. وإن كان بقدر الواجب من الحقوق فأفعاله تكون واجبة ضرورية. وإن كان من الفضول والحظوظ فأفعاله تكون كذلك. فعليه إثم الربا وآثار أفعاله المحرمة المتولدة من أكله. فتزداد عقوباته وآثامه أبدا. ويتلف الله ماله في الدنيا فلا ينتفع به أعقابه وأولاده. فيكون ممن خسر الدنيا والآخرة وذلك هو المحق الكليّ. وأما المتصدق فلكون ماله مزكّى يبارك الله في تثميره مع حفظ الأصل. وآكله لا يكون إلا مطيعا في أفعاله. ويبقى ماله في أعقابه وأولاده منتفعا به.
وذلك هو الزيادة في الحقيقة. ولو لم تكن زيادته إلا ما صرف في طاعة الله لكفى به