للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله. فيكون حَلالًا مفعول كُلُوا ومِمَّا حال منه، أو متعلقة ب كُلُوا، أو هو المفعول وحَلالًا حال من ما أو من عائده المحذوف، أو صفة لمصدر محذوف، أي: أكلا حلالا. وقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ تأكيد للتوصية بما أمر به، وزاده تأكيدا بقوله: الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ لأن الإيمان به يوجب التقوى، في الانتهاء إلى ما أمر به وعما نهى عنه.

قال المهايميّ: مقتضى إيمانكم أن لا تغيروا شيئا من أحكام دينكم، وأن لا تعارضوا في أحكامه ولو بكراهة من أنفسكم، وأن تتقوه في وضع قواعد تخالف قواعد الشرع، بل غاية ما يجوز أخذ معان من علم الشريعة مؤكدة لمقتضاه.

[تنبيهات.]

الأول: فيما روي في سبب نزولها:

أخرج الترمذيّ «١» عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي فحرمت عليّ اللحم.

فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا.. الآية.

وروى ابن أبي حاتم عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في رهط من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، قالوا: نقطع مذاكيرنا ونترك شهوات الدنيا ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان. فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم. فأرسل إليهم، فذكر لهم ذلك، فقالوا: نعم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأنكح النساء. فمن أخذ بسنتي فهو مني ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني. وروى ابن مردويه نحوه.

وفي (الصحيحين) «٢» من حديث عائشة رضي الله عنها، أنّ ناسا من أصحاب


(١) أخرجه الترمذي في: التفسير، ٥- سورة المائدة، ١٤- حدثنا عمرو بن عليّ أبو حفص الفلاس.
(٢)
أخرجه البخاري في: النكاح، ١- باب الترغيب في النكاح، حديث ٢٠٩٩ ونصه: عن حميد بن أبي حميد، الطويل، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: جاء ثلاثة رهطا إلى بيوت أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبيّ صلى الله عليه وسلم. فلما أخبروا كأنهم تقالّوها. فقالوا: وأين نحن من النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا.
وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر.
وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبدا.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله! إني لأخشاكم لله وأتقاكم له.
لكني أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني» .
وأخرجه عن أنس، مسلم أيضا في: النكاح، حديث ٥
.

<<  <  ج: ص:  >  >>