أي عن إطاعتهما، وإن كان أعمى أو أعرج أو مريضا يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً أي بالمذلة دنيا، والنار أخرى.
[تنبيه:]
اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين هم (أولو بأس شديد) - على أقوال:
أحدها- أنهم هوازن.
الثاني- ثقيف، وكلاهما غزاه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
الثالث- بنو حنيفة الذين تابعوا مسيلمة الكذاب، وغزاهم أبو بكر رضي الله عنه.
الرابع- أهل فارس والروم، الذين غزاهم عمر رضي الله عنه.
ومثار الخلاف هو عموم ظاهر الآية، وشمول مصداقها لكل الغزوات المذكورة. ولو عدّ من الأوجه كفار مكة، لم يبعد، بل عندي هو الأقرب، لأن السين للاستقبال القريب، فإن هذه السورة نزلت عدة بفتح مكة، منصرفه صلّى الله عليه وسلّم من الحديبية، وعلى أثرها كانت غزوة الفتح الأعظم، التي لم يتخلف عنها من القبائل الشهيرة أحد، إذ دعاهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى قتال قريش أو يسلموا، فكان ما كان من إسلامهم طوعا أو كرها- والله أعلم-.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : آية ١٨]]
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ يعني بيعة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية، حين بايعوه على مناجزة قريش الحرب، وعلى أن لا يفرّوا، ولا يولوهم الدبر، تحت شجرة هناك.
وقد أجمع الرواة في الصحاح على أن الشجرة لم تعلم بعد. ففي الصحيحين «١» من حديث أبي عوانة عن طارق، عن سعيد بن المسيّب قال: كان أبي ممن بايع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت الشجرة. قال: فانطلقنا من قابل حاجّين، فخفي علينا مكانها، وإن كان بينت لكم، فأنتم أعلم.
(١) أخرجه البخاري في: المغازي، ٣٥- باب غزوة الحديبية، حديث ١٨٩٨.