وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ من المشركين أو من أهل الكتاب وهو الأظهر. لأن ما تقدم، كلّه في حوارهم وردّ أضاليلهم، ونفى عنهم العلم لأنهم لم يعملوا به لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ هلا يكلمنا كما يكلم الملائكة وكلم موسى؟ استكبارا منهم وعتوا أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ جحودا لأن يكون ما أتاهم من آيات الله، آيات، واستهانة بها كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ أي هذا الباطل الشنيع فقالوا: أرنا الله جهرة.
وفي ذلك تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم بأنه كما تعنّت عليه تعنّت على من قبله تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ أي قلوب هؤلاء ومن قبلهم في العمى والعناد والتحكم على الأنبياء قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ أي بالحق. لا تعتريهم شبهة ولا ريبة وهذا رد لطلبهم الآية وفي تعريف الآيات وجمعها وإيراد التبيين المفصح عن كمال التوضيح، مكان الإتيان الذي طلبوه، ما لا يخفى من الجزالة. والمعنى انهم اقترحوا آية فذة. ونحن قد بينا الآيات العظام لقوم يطلبون الحق واليقين. وإنما لم يتعرض لرد قولهم لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ إيذانا بأنه من ظهور البطلان بحيث لا حاجة إلى الرد والجواب.
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً بالثواب للمؤمنين وَنَذِيراً بالعقاب للكافرين وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ ولا نسألك عنهم: ما لهم لم يؤمنوا بعد أن بلّغت وبلغت جهدك في دعوتهم؟ كقوله فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرعد: ٤٠] وفي التعبير عنهم بصاحبية الجحيم، دون الكفر والتكذيب ونحوهما، وعيد شديد لهم، وإيذان بأنهم مطبوع على قلوبهم، لا يرجى منهم الإيمان.
والجحيم، من أسماء النار وتطلق على النار الشديدة التأجج، وعلى كل نار بعضها فوق بعض، وعلى كل نار عظيمة في مهواة، وعلى المكان الشديد الحر.