للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أجمل في الاستجابة، وكان السؤال بطريق الإيماء، ناسب أن يؤتى بالفاء التفصيلية. وأما هنا، فإنه لما هاجر من غير أمر، على خلاف معتاد الأنبياء عليهم السلام. كان ذلك ذنبا. كما أشار إليه بقوله: مِنَ الظَّالِمِينَ فما أومأ إليه هو الدعاء بعدم مؤاخذته بما صدر منه من سيئات الأبرار. فالاستجابة عبارة عن قبول توبته وعدم مؤاخذته: وليس ما بعده تفسيرا له، بل زيادة إحسان على مطلوبه. ولذا عطف بالواو. انتهى.

السادس: قوله وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ أي إذا كانوا في غموم، وأخلصوا في أدعيتهم منيبين، لا سيما بهذا الدعاء: وقد روي في الترغيب آثار: منها عند أحمد والترمذي (دعوة «١» ذي النون، لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط، إلا استجاب له) . وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : آية ٨٩]]

وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩)

وَزَكَرِيَّا أي واذكر خبره إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً أي حين طلب أن يهبه ربه ولدا يكون من بعده نبيّا، ولا يتركه فردا وحيدا بلا وارث، وقد تقدمت القصة مبسوطة في أول سورة مريم وفي سورة آل عمران أيضا. وقوله: وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ثناء مناسب للمسألة. قال الغزالي في (شرح الأسماء الحسنى) : الوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك. وذلك هو الله سبحانه، إذ هو الباقي بعد فناء خلقه، وإليه مرجع كل شيء ومصيره. وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩٠]]

فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠)

فَاسْتَجَبْنا لَهُ أي دعاءه وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ أي أصلحناها للولادة بعد عقرها، معجزة وكرامة له. وقوله تعالى:


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ١/ ١٧٠، والحديث رقم ١٤٦٢.
وأخرجه الترمذي في: الدعوات، ٨١- باب حدثنا محمد بن يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>