الموجب لمحبتهم وعداوتهم على الحقيقة واحد، ولأن المحاجة كانت فيهما.
ووضع «الكافرين» موضع «لهم» ، ليدل على أن الله إنما عاداهم لكفرهم، وأن عداوة الملائكة كفر. وقد قرئ في السبع «ميكال» كميزان، و «ميكائل» بهمزة مكسورة بعد الألف بدون ياء و «ميكائيل» بالهمزة والياء.
وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ أي أنزلنا إليك علامات واضحات دالات على نبوتك. وتلك الآيات هي ما حواه القرآن من خفايا علوم اليهود ومكنونات سرائر أخبارهم، وأخبار أوائلهم من بني إسرائيل، والنبأ عما تضمنته كتبهم التي لم يكن يعلمها إلا أحبارهم وعلماؤهم، وما حرّفه أوائلهم وأواخرهم، وبدلوه من أحكامهم التي كانت في التوراة، فأطلعها الله في كتابه الذي أنزله على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم فكان في ذلك من أمره الآيات البينات لمن أنصف من نفسه ولم يدعه إلى إهلاكها الحسد والبغي. إذ كان في فطرة كل ذي فطرة صحيحة، تصديق من أتى بمثل ما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم من الآيات البينات التي وصفت، من غير تعلم تعلمه من بشر، ولا أخذ شيء منه عن آدميّ. وحمل الآيات على ما ذكرناه من آيات القرآن المجيد أولى من حملها على سائر المعجزات المأثورة. لأن الآيات إذا قرنت إلى التنزيل، كانت أخص بالقرآن. وقوله وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ أي المتمردون من الكفرة، واللام للعهد، أي الفاسقون المعهودون، وهم اليهود. أو للجنس، وهم داخلون فيه دخولا أوليّا.
أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الهمزة للإنكار والواو للعطف على محذوف يقتضيه المقام، أي كفروا بالآيات بالبينات، أَوَكُلَّما عاهَدُوا إلخ. أو أينكرون فسقهم وكلما إلخ، وقيل: الواو زائدة، وقيل هي «أو» التي لأحد الشيئين. حركت بالفتح. وقد قرئ شاذا بسكونها. فتكون بمعنى بل.
دلت عليه القرينة. أعني قوله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ترقيا إلى الأغلظ فالأغلظ. قال ابن: جنيّ: «أو» هذه هي التي بمعنى «أم» المنقطعة، وكلتاهما بمعنى «بل» -