وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ أي أحمالكم إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ بكسر الشين المعجمة وفتحها. وقراءتان وهما لغتان في معنى (المشقة) أي لم تكونوا بالغيه بأنفسكم إلا بجهد ومشقة، فضلا عن أن تحملوا على ظهوركم أثقالكم إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ أي حيث سخرها لمنافعكم. ثم أشار إلى ما هو أتم في دفع المشقة وإفادة الزينة، فقال: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ عطف على (الأنعام) لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً عطف محل (لتركبوها) فهي مفعول له أو مصدر لمحذوف. أي وتتزينوا بها زينة، أو مصدر واقع موقع الحال من فاعل (تركبوها) أو مفعوله. أي متزينين بها أو متزينا بها. وسر التصريح باللام في المعطوف عليه، دون المعطوف، هو الإشارة إلى أن المقصود المعتبر الأصليّ في الأصناف، هو الركوب:
وأما التزين بها فأمر تابع غير مقصود قصد الركوب. فاقترن المقصود المهم باللام المفيدة للتعليل. تنبيها على أنه أهم الغرضين وأقوى السببين. وتجرد التزين منها تنبيها على تبعيته أو قصوره عن الركوب. والله أعلم. كذا في (الانتصاف)
[تنبيه:]
استدل بهذه الآية القائلون بتحريم لحوم الخيل. قائلين بأن التعليل بالركوب يدل على أنها مخلوقة لهذه المصلحة دون غيرها. قالوا: ويؤيد ذلك إفراد هذه الأنواع الثلاثة بالذكر وإخراجها عن الأنعام. فيفيد ذلك اتحاد حكمها في تحريم الأكل.
قالوا: ولو كان أكل الخيل جائزا، لكن ذكره والامتنان به أولى من ذكر الركوب، لأنه أعظم فائدة منه وأجاب المجوّزون لأكلها، بأنه لا حجة في التعليل بالركوب، لأن ذكر ما هو الأغلب من منافعها، لا ينافي غيره.