عن ابن مسعود: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات المتفلجات للحسن المغيّرات خلق الله عز وجل. ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهو في كتاب الله عز وجل؟
يعني قوله وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.
قال السيوطيّ في (الإكليل) : فيستدل بالآية على تحريم الخصاء والوشم وما يجري مجراه، من الوصل في الشعر. والتفلج، وهو تفريق الأسنان، والتنميص، وهو نتف الشعر في الوجه. انتهى.
قال بعض الزيدية: ويلحق بالوشر ما يفعل في الخدّ من الشرط للزينة. وحكى الزجاج عن بعضهم، في معنى الآية: إن الله تعالى خلق الأنعام ليركبوها ويأكلوها، فحرموها على أنفسهم كالبحائر والسوائب والوصائل. وخلق الشمس والقمر والنجوم مسخرة للناس ينتفعون بها، فعبدها المشركون فغيروا خلق الله. ولا يخفى أن عموم الآية يصدق على جميع المعاني. إذ كلها من تغيير خلق الله. فلا مانع من حمل الآية عليها. قال البيضاويّ: قوله فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ أي: عن وجهه وصورته، أو صفته. ويندرج فيه ما قيل من فقء عين الحامي، وخصاء العبيد، والوشم والوشر، واللواط، والسحق، ونحو ذلك. وعبادة الشمس والقمر، وتغيير فطرة الله تعالى التي هي الإسلام. واستعمال الجوارح والقوى فيما لا يعود على النفس كمالا، ولا يوجب لها من الله سبحانه وتعالى زلفى. انتهى.
وهذه الجمل المحكية عن اللعين مما نطق به لسانه مقالا أو حالا. وما فيها من (اللامات) كلها للقسم. والمأمور به في الموضعين محذوف، ثقة بدلالة النظم عليه. ثم حذر تعالى عن متابعته فقال وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ بإيثار ما يدعو إليه، مجاوزا ولاية الله، بترك ما يدعو إليه فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً أي: بينا لمصيره إلى النار المؤبدة عليه.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٢٠]]