قال السيوطيّ: وفي هذا دلالة على تحريم السخرية بالمؤمنين، والضحك منهم، والتغامز عليهم وَإِذَا انْقَلَبُوا أي هؤلاء المجرمون من مجالسهم إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ أي متلذذين بالسخرية وحكاية ما يعيبون به أهل الإيمان. أو بما هم فيه من الشرك والطغيان والتنعم بالدنيا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٣٢ الى ٣٦]
وَإِذا رَأَوْهُمْ أي رأوا المؤمنين قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ أي لتركهم ما عليه العامة، والاعتصام بغيره. وقوله تعالى: وَما أُرْسِلُوا أي هؤلاء المجرمون القائلون ما ذكر عَلَيْهِمْ أي على المسلمين حافِظِينَ أي لأعمالهم. جملة حالية من (واو قالوا) أي قالوا ذلك، والحال أنهم ما أرسلوا من جهة الله تعالى موكلين بهم، يحفظون عليهم أحوالهم، ويهيمنون على أعمالهم، ويشهدون برشدهم وضلالهم.
وهذا تهكم بهم وإشعار بأن ما اجترءوا عليه من القول، من وظائف من أرسل من جهته تعالى.
وقد جوّز أن يكون ذلك من جملة قول المجرمين. كأنهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا علينا حافظين. إنكارا لصدهم عن الشرك ودعائهم إلى الإسلام، وإنما قيل عَلَيْهِمْ نقلا له بالمعنى كما في قولك:(حلف ليفعلنّ) لا بالعبارة، كما في قولك:(حلف لأفعلنّ) أفاده أبو السعود فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ تفريع على ما قبله، للدلالة على أنه جزاء سخريتهم في الدنيا و (اليوم) يوم الدين والجزاء. وضحكهم من الكفار ضحك المسرور بما نزل بعدوّه من الهوان والصغار، بعد العزة والكبر. عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ إلى ما أوتوا من النعيم، وما حل بالمجرمين من عذاب الجحيم هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ أي جوزوا ثواب ما كانوا يفعلون في الدنيا.
والجملة متعلقة ب (ينظرون) في محل نصب بعد إسقاط الجار. أو مستأنفة.
والاستفهام للتقرير كأنه خطاب للمؤمنين، تعظيما لهم وتكريما وزيادة في مسرتهم.
أي هل رأيتم كيف جازى الله الكافرين بأعمالهم، أي أنه فعل. و (ما) مصدرية أو موصولة.