قال ابن كثير: ومعنى
قوله صلى الله عليه وسلّم في سبأ: كان رجلا من العرب،
يعني العرب العاربة الذين كانوا قبل الخليل عليه الصلاة والسلام من سلالة سام بن نوح. وعلى القول الثالث. كان من سلالة الخليل عليه السلام، وليس هذا بالمشهور عندهم.
والله أعلم.
ولكن
في صحيح البخاري «١»
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ بنفر من أسلم ينتضلون فقال: ارموا، بني إسماعيل! فإن أباكم كان راميا
. وأسلم قبيلة من الأنصار. والأنصار أوسها وخزرجها من عرب اليمن. من سبأ، نزلت يثرب، لما تفرقت، كما مر.
(ثم قال) : ومعنى
قوله صلّى الله عليه وسلّم: ولد له عشرة
أي كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن. لا أنهم ولدوا من صلبه. بل منهم من بينه وبينه، الأبوان والثلاثة، والأقل والأكثر. كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب إِنَّ فِي ذلِكَ أي فيما ذكر من قصتهم، وما حل بهم من النقمة والعذاب، وتبديل النعمة وتحويل العافية على ما ارتكبوه من الكفر والآثام لَآياتٍ أي لعبرا عظيمة لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أي شأنه الصبر عن الشهوات والهوى والآثام، والشكر على النعم. قال الأعشى من قصيدة:
ففي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب عفّى عليها العرم
رخام بنته لهم حمير ... إذا جاء مواره لم يرم
فأروى الزروع وأعنابها ... على سعة ماؤهم إذ قسم
فصاروا أيادي ما يقدرو ... ن منه على شرب طفل فطم
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١)
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ قال الزمخشري: قرئ (صدق) بالتشديد والتخفيف. ورفع لفظ (إبليس) ونصب (الظن) فمن شدد، فعلى: (حقق عليهم ظنه، ووجده ظنه صادقا) أي صدّق بمعنى حقق مجازا. لأنه ظن شيئا فوقع فحققه.
(١) أخرجه في: الجهاد، ٧٨- باب التحريض على الرمي، حديث رقم ١٣٨٧، عن سلمة بن الأكوع.