الَّذِينَ كَفَرُوا أي: جحدوا توحيد الله، وعبدوا غيره وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي: أعرضوا وامتنعوا عن الإقرار لله بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة. أو صدوا غيرهم عن ذلك. أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي جعلها على غير هدى ورشاد.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (٤٧) : آية ٢]]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي الطاعات فيما بينهم وبين ربهم.
وقوله: وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ أي بما أنزل الله به جبريل على محمد صلّى الله عليه وسلّم. وإنما خصه بالذكر، مع دخوله فيما قبله، تعظيما لشأنه وتعليما، لأنه لا يصح الإيمان ولا يتم إلا به، إذ يفيد بعطفه أنه أعظم أركانه، لإفراده بالذكر. وقد تأكد ذلك بالجملة الاعتراضية التي هي قوله وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ أي الثابت بالواقع ونفس الأمر. كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ أي ستر بإيمانهم وعملهم الصالح، ما كان منهم من الكفر والمعاصي، لرجوعهم عنها وتوبتهم وَأَصْلَحَ بالَهُمْ أي حالهم وشأنهم، وعملهم في الدنيا بالتأييد والتوفيق.
قال الشهاب:(البال) يكون بمعنى الحال والشأن. وقد يخص بالشأن العظيم،
كقوله صلّى الله عليه وسلّم «١»
«كل أمر ذي بال» .
ويكون بمعنى الخاطر القلبيّ، ويتجوز به عن القلب. ولو فسر به هنا كان حسنا أيضا. وقد فسره السفاقسيّ بالفكر، لأنه إذا صلح قلبه وفكره، صلحت عقدته وأعماله.
(١) أخرجه ابن ماجة في: النكاح، ١٩- باب خطبة النكاح، حديث ١٨٩٤.