وروى الحافظ أبو يعلى عن ثوبان عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: من ترك بعده كنزا مثل له شجاعا أقرع، له زبيبتان، يتبعه. فيقول: من أنت ويلك؟ فيقول: أنا كنزك الذي خلفت بعدك، فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضمها، ثم يتبع سائر جسده
. قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد قويّ، ولم يخرجوه، وقد رواه الطبرانيّ عن جرير بن عبد الله البجليّ.
ورواه ابن جرير والحافظ ابن مردويه عن حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: لا يأتي رجل مولاه فيسأله من فضل مال عنده، فيمنعه إياه، إلا دعي له يوم القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي منع.
وروى ابن جرير مرفوعا: ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل جعله الله عنده، فيبخل به عليه، إلا أخرج له من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه. ورواه أيضا موقوفا ومرسلا.
والشجاع (كغراب وكتاب) : الحية مطلقا، أو الذكر منها، أو ضرب منها دقيق، وهو أجرؤها- كذا في القاموس وشرحه-.
ثم أشار تعالى إلي أنهم، وإن لم ينفقوا أموالهم في سبيله، فهي راجعة إليه بقوله وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي ما يتوارثه أهلهما من مال وغيره، فما لهم يبخلون عليه بملكه، ولا ينفقونه في سبيله. ونظيره قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد: ٧] ، فالميراث على هذا على حقيقته، أو المعنى: أنه يفني أهل السموات والأرض ويصير أملاك أهلهما بعد فنائهم إلى خالص ملكه، كما يصير مال المورث ملك الوارث، فجرى ما هنا مجرى الوراثة، إذ كان الخلق يدعون الأملاك ظاهرا، وإلّا فالكل له، وعلى هذا فهو مجاز.
قال الزجاج رحمه الله: أي أن الله تعالى يفني أهلهما، فيفنيان بما فيهما، فليس لأحد فيهما ملك، فخوطبوا بما يعلمون، لأنهم يجعلون، ما يرجع إلى الإنسان ميراثا، ملكا له وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي فيجازيكم على المنع والبخل.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٨١]]