للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى قدرة وعلما، فينزله حسبما تقتضيه مشيئته، المبنية على الحكم والمصالح- أفاده أبو السعود-.

ثم لما بين تعالى علمه بالمغيبات، تأثّره بالمشاهدات، على اختلاف أنواعها، وتكثر أفرادها بقوله: وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ من الخلق والعجائب. ثم بالغ في إحاطة علمه بالجزئيات الفائتة للحصر بقوله سبحانه وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي: مكتوب ومحفوظ في العلم الإلهي.

[تنبيهات:]

الأول- قال الحاكم: دلّ قوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ على بطلان قول الإمامية: إن الإمام يعلم شيئا من الغيب. انتهى.

وفي (فتح البيان) : في هذه الآية الشريفة ما يدفع أباطيل الكهان والمنجمين والرمليّين وغيرهم من مدّعي الكشف والإلهام، ما ليس من شأنهم، ولا يدخل تحت قدرتهم، ولا يحيط به علمهم. ولقد ابتلى الإسلام وأهله بقوم سوء من هذه الأجناس الضالة، والأنواع المخذولة، ولم يربحوا من أكاذيبهم وأباطيلهم بغير خطة السوء المذكورة في

قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم «١» : «من أتى كاهنا أو منجما فقد كفر بما أنزل محمد» .

قال ابن مسعود: أوتي نبيكم كل شيء إلا مفاتيح الغيب.

قال ابن عباس: إنها الأقدار والأرزاق.

وقال الضحاك: خزائن الأرض، وعلم نزول العذاب.

وقال عطاء: هو ما غاب عنكم من الثواب والعقاب.

وقيل: هو انقضاء الآجال، وعلم أحوال العباد من السعادة والشقاوة وخواتيم أعمالهم. واللفظ أوسع من ذلك.


(١)
أخرجه الإمام أحمد في المسند ٢/ ٤٠٨ ونصه: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقه، فقد برئ مما أنزل الله على محمد عليه الصلاة والسلام.
وأخرجه ابن ماجة في: الطهارة، ١٢٢- باب النهي عن إتيان الحائض، الحديث رقم ٦٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>