للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم استثنى تعالى من ضرب مدة التأجيل، لمن له عهد مطلق بأربعة أشهر، من له عهد مؤقت بتأجيله إلى مدته المضروبة التي عوهد عليها، فقال سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٤]]

إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)

إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً أي من شروط الميثاق فلم يقتلوا منكم أحدا ولم يضروكم فقط. قال أبو السعود: وقرئ بالمعجمة، أي لم ينقضوا عهدكم شيئا، من (النقض) ، وكلمة (ثم) للدلالة على ثباتهم على عهدهم مع تمادي المدة وَلَمْ يُظاهِرُوا أي لم يعاونوا عَلَيْكُمْ أَحَداً أي عدوّا من أعدائكم فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ ثم حرّض تعالى على الوفاء بذلك، منبها على أنه من باب التقوى بقوله سبحانه إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ أي فاتقوه في ذلك.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٥]]

فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)

فَإِذَا انْسَلَخَ أي انقضى الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أي التي أبيح للذين عوهدوا فيها أن يسيحوا في الأرض وحرم فيها قتالهم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ أي من حلّ أو حرم- كذا قاله غير واحد- قال ابن كثير: هذا عام، والمشهور تخصيصه بغير الحرم، لتحريم القتال فيه، لقوله تعالى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ [البقرة: ١٩١] . وَخُذُوهُمْ أي ائسروهم وَاحْصُرُوهُمْ أي احبسوهم في المكان الذي هم فيه، لئلا يتبسطوا في سائر البلاد وَاقْعُدُوا لَهُمْ أي لقتالهم كُلَّ مَرْصَدٍ أي طريق وممرّ فَإِنْ تابُوا أي عن الكفر وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ أي فاتركوا التعرض لهم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر.

[تنبيهات:]

الأول- ما ذكرناه من أن المراد (بالأشهر الحرام) أشهر العهد، هو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>