للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيلة للفوز والنجاة، من تنزيهه تعالى عما لا يليق به، والثناء عليه بصفاته الجميلة، وأداء حق العبودية، و (الفاء) للتفريع فكأنه قيل: إذا صحّ واتضح عاقبة المطيعين والعاصين، فقولوا: نسبح سبحان إلخ. والمعنى فسبحوه تسبيحا دائما. (وسبحان) خبر في معنى الأمر بتنزيه الله تعالى وحمده. أي الثناء عليه في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته، وتتجدد فيها نعمته. وقوله تعالى وَعَشِيًّا معطوف على حِينَ وتقديمه على حِينَ تُظْهِرُونَ لمراعاة الفواصل. وقوله وَلَهُ الْحَمْدُ معترض بينهما. والمراد بثبوت حمده فيهما، استحقاقه الحمد ممن له تمييز من أهلهما. قال أبو السعود: والإخبار بثبوت الحمد له ووجوبه على المميزين من أهل السموات والأرض، في معنى الأمر به على أبلغ وجه وآكده. وتوسيطه بين أوقات التسبيح، للاعتناء بشأنه، والإشعار بأن حقهما أن يجمع بينهما. كما ينبئ عنه قوله تعالى وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ [البقرة: ٣٠] ، وقوله تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [الحجر: ٩٨] ، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية جامعة للصلوات الخمس: (تمسون) صلاة المغرب والعشاء. و (تصبحون) صلاة الفجر. و (عشيا) صلاة العصر و (تظهرون) صلاة الظهر. فإن قيل: لم غيّر الأسلوب في (عشيا) ؟

أجيب (كما قال أبو السعود) بأن تغير الأسلوب لما أنه لا يجيء منه الفعل بمعنى الدخول في العشيّ. كالمساء والصباح والظهيرة. ولعل السرّ في ذلك أنه ليس من الأوقات التي تختلف فيها أحوال الناس، وتتغير تغيرا ظاهرا مصححا لوصفهم بالخروج عما قبلها، والدخول فيها، كالأوقات المذكورة. فإن كلا منها وقت تتغير فيه الأحوال تغيرا ظاهرا. أما في المساء والصباح فظاهر. وأما في الظهيرة فلأنها وقت يعتاد فيه التجرد عن الثياب للقيلولة. كما مرّ في سورة النور. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الروم (٣٠) : الآيات ١٩ الى ٢١]

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ أي كالإنسان من النطفة، والطائر من البيضة وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ كالنطفة والبيضة من الحيوان وَيُحْيِ الْأَرْضَ أي بالنبات

<<  <  ج: ص:  >  >>