للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموجودين وقت البعثة. أما لو أريد جنس ونوع، باعتبار عدّ ما صدر من بعضهم كأنّه صدر من كلهم، فلا إيراد. والمقصود حينئذ استبعاد إيمانهم لما استقر منهم ومن أسلافهم. الثالث- قال آخرون: المراد المنافقون. فالإيمان الأول إظهارهم الإسلام.

وكفرهم بعد ذلك هو نفاقهم. وكون باطنهم على خلاف ظاهرهم. والإيمان الثاني هو أنهم كلما لقوا جمعا من المسلمين قالوا إنا مؤمنون. والكفر الثاني هو أنهم إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة: ١٤] . وازديادهم في الكفر هو جدهم واجتهادهم في استخراج أنواع المكر والكيد في حق المسلمين.

وإظهار الإيمان قد يسمى إيمانا. قال تعالى: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة: ٢٢١] : قال القفال رحمه الله: وليس المراد بيان هذا العدد. بل المراد ترددهم. كما قال: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ. قال: والذي يدل عليه، قوله تعالى بعد هذه الآية: بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ. الرابع- قال قوم: المراد طائفة من أهل الكتاب قصدوا تشكيك المسلمين فكانوا يظهرون الإيمان تارة والكفر أخرى. على ما أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [آل عمران: ٧٢] ، وقوله ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً معناه أنهم بلغوا في ذلك إلى حد الاستهزاء والسخرية بالإسلام.

نقل هذه الوجوه الزمخشريّ والرازيّ وغيرهما. وكلها مما يشمله لفظ الآية.

[تنبيه:]

في الآية مسائل:

الأولى- قال في (الإكليل) : استدل بها من قال: تقبل توبة المرتد ثلاثا. ولا تقبل في الرابعة.

وقال بعض الزيدية (تفسيره) : دلت على أن توبة المرتد تقبل. لأنه تعالى أثبت إيمانا بعد كفر، تقدمه إيمان.

وأقول: دلالتها على ذلك في صورة عدم تكرار الردة. وأما معه، فلا. كما لا يخفى.

ثم قال: وعن إسحاق: إذا ارتد في الدفعة الثالثة لم تقبل توبته، وهي رواية الشعبيّ عن عليّ عليه السلام. انتهى.

وذهبت الحنابلة إلى أن من تكررت ردته لم تقبل توبته. كما أسلفنا ذلك في آل عمران في قوله تعالى: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً ... [آل عمران: ٨٦] ، الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>