به، ثم قوله: قائِماً بِالْقِسْطِ وهو التنزيه. فطال الكلام بذلك فجدد التوحيد تلو التنزيه، ليلي قوله: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ. ولولا هذا التجديد لكان التوحيد المتقدم. كالمنقطع في الفهم مما أريد إيصاله به. والله أعلم.
[لطيفة:]
قال الرازيّ: فإن قيل: المدعي للوحدانية هو الله، فكيف يكون المدعي شاهدا؟
الجواب: من وجوه: الأول: وهو أن الشاهد الحقيقيّ ليس إلا الله، وذلك لأنه تعالى هو الذي خلق الأشياء وجعلها دلائل على توحيده، ولولا تلك الدلائل لما صحت الشهادة. ثم بعد نصب تلك الدلائل، هو الذي وفق العلماء لمعرفة تلك الدلائل، ولولا تلك الدلائل التي نصبها الله تعالى وهدى إليها لعجزوا عن التوصل بها إلى معرفة الوحدانية، ثم بعد حصول العلم بالوحدانية، فهو تعالى وفقهم حتى أرشدوا غيرهم إلى معرفة التوحيد. وإذا كان الأمر كذلك، كان الشاهد على الوحدانية ليس إلا الله وحده، ولهذا قال: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ [الأنعام: ١٩]- ثم ساق بقية الوجوه فانظره.
وقال العارف الشعرانيّ، قدس سره، في كتاب (الجواهر والدرر) : سألت أخي أفضل الدين: لم شهد الحق تعالى لنفسه بأنه لا إله إلا هو؟ فقال رضي الله عنه: لينبه عباده على غناه عن توحيدهم له، وأنه هو الموحد نفسه. بنفسه. فقلت له: فلم عطف الملائكة على نفسه دون غيرهم؟ فقال: لأن علمهم بالتوحيد لم يكن حاصلا من النظر في الأدلة كالبشر، وإنما كان علمهم بذلك حاصلا من التجلي الإلهيّ، وذلك أقوى العلوم وأصدقها، فلذلك قدموا في الذكر على أولي العلم. وأيضا فإن الملائكة واسطة بين الحق وبين رسله، فناسب ذكرهم في الوسط، فاعلم ذلك، انتهى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٩]]
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ جملة مستأنفة مؤكدة للأولى، أي لا دين مرضيا لله تعالى سوى الإسلام الذي هو التوحيد والتدرع بالشريعة الشريفة- قاله أبو