للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا بقوله تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى.

الثاني- أن نفاة القياس قالوا: ثبت بهذا النص أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعمل إلا بالوحي النازل عليه، فوجب أن لا يجوز لأحد من أمته أن يعملوا إلا بالوحي النازل عليه، بقوله تعالى: فَاتَّبِعُوهُ، وذلك ينفي جواز العمل بالقياس. ثم أكد هذا الكلام بقوله: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وذلك لأن العمل بغير الوحي يجري مجرى عمل الأعمى. والعمل بمقتضى نزول الوحي يجري مجرى علم البصير. ثم قال أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ والمراد منه التنبيه على أنه يجب على العاقل أن يعرف الفرق بين هذين البابين، وأن لا يكون غافلا عن معرفته. انتهى.

وفي (فتح الرحمن) : تمسك بذلك من لم يثبت اجتهاد الأنبياء، عملا بما يفيده القصر في هذه الآية.

والمسألة مدونة في الأصول.

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أوتيت القرآن ومثله معه.

ثم لما أخبر تعالى: أن أولئك المشركين كالصم البكم العمي، بل الموتى، إذ لم يتعظوا بتصريف الآيات الباهرة، أمر بتوجيه الإنذار إلى من يتأثر بما يوحي إليه، اطراحا لأولئك الفجار، فقال تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٥١]]

وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١)

وَأَنْذِرْ بِهِ أي: بما يوحي، المتقدم ذكره الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ يعني: من دون الله تعالى، وَلِيٌّ أي: ناصر ينصرهم وَلا شَفِيعٌ يشفع لهم وينجيهم من العذاب، غيره تعالى: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: الاعتقادات الفاسدة، والأعمال الطالحة، والأخلاق الرديئة.

قال في (العناية) : خص بالذكر هؤلاء، لأنهم الذين ينفعهم الإنذار، ويقودهم إلى التقوى. وليس المراد الحصر حتى يرد أن إنذاره لغيرهم لازم أيضا. انتهى.

وجملة لَيْسَ لَهُمْ في موضع الحال من يُحْشَرُوا، فإن المخوف هو الحشر على هذه الحالة. والمراد ب (الوليّ) و (الشفيع) الآلهة التي كان المشركون

<<  <  ج: ص:  >  >>