قُلْ أي لكفار مكة المبكّتين بما تقدم: أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا أي معبودا.
كقوله تعالى: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ. والمعنى: لا أتخذ وليّا إلا الله وحده. فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. أي: خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق. بالجر، صفة للجلالة، موكدة للإنكار، وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ أي: يرزق ولا يرزق، أي: المنافع كلها من عنده، ولا يجوز عليه الانتفاع. أي: فيجب اتخاذه وليّا ليعبد شكرا على إنعامه، وكفايته الحوائج بلا طلب عوض. قيل: المراد بالطعم الرزق، بمعناه اللغويّ. وهو كل ما ينتفع به، بدليل وقوعه مقابلا له في قوله تعالى:
ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ [الذاريات: ٥٧] . فعبر بالخاص عن العام مجازا، لأنه أعظمه وأكثره، لشدة الحاجة إليه. واكتفى به عن العام، لأنه يعلم، من نفي ذلك، نفي ما سواه.
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أي: وقيل لي: وَلا تَكُونَنَّ. فهو معطوف على أُمِرْتُ بمعنى: أمرت بالإسلام، ونهيت عن الشرك صريحا مؤكدا، بعد النهي في ضمن الأمر. ونهي المتبوع نهي التابعين. ويجوز عطفه على قُلْ. وفي الآية إرشاد إلى أن كل آمر ينبغي أن يكون عاملا بما أمر به. لأنه مقتداهم. قيل: هذه الآية للتحريض، كما يأمر الملك رعيته بأمر، ثم يقول: وأنا أول من يفعل ذلك، ليحملهم على الامتثال.
قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي أي: بمخالفة أمره ونهيه أيّ عصيان. فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليّا. عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ يعني: عذاب يوم القيامة، الذي تظهر فيه عظمة القهر الإلهيّ. وفي الآية مبالغة أخرى في قطع أطماعهم، وتعرض لهم