فهو راض بالمنكر، فتعمه العقوبة والمصيبة بهذا الاعتبار. انتهى.
وعن ابن عباس: أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم، فيعمهم الله بالعذاب. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ أي لمن يخالف أوامره.
ثم نبه تعالى عباده المؤمنين السابقين الأولين على نعمه عليهم، وإحسانه إليهم، حيث كانوا قليلين فكثرهم، ومستضعفين خائفين فقواهم ونصرهم، ورزقهم من الطيبات، ليشكروه بدوام الطاعة، فقال سبحانه:
وَاذْكُرُوا أي يا معشر المهاجرين إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ أي في العدد مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ أي مقهورون في أرض مكة قبل الهجرة، تستضعفكم قريش تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ أي أهل مكة. و (تخطفه) و (اختطفه) بمعنى استلبه وأخذه بسرعة فَآواكُمْ أي إلى المدينة وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ يعني أعانكم وقواكم يوم بدر بنصره، وذلك بمظاهرة الأنصار، وإمداد الملائكة، والتثبيت الرباني وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي الغنائم لأنها لم تطب إلا لهم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي المولى على ما تفضل به وأولى. وما ذكرنا من كون الخطاب في الآية للمهاجرين خاصة، هو أنسب بالمقام والسياق والسياق يشعر به. وقيل: الخطاب للعرب كافة، وعليه قول قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله في هذه الآية: كان هذا الحيّ من العرب أذل الناس وأشقاه عيشا، وأجوعه بطونا، وأعراه جلودا، وأثبته ضلالا. والله! ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم، حتى جاء الله بالإسلام، فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس. وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا الله على نعمه، فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله. انتهى.
وأقول: الأمر في العرب، وإن كان كما ذكر، لكن في تنزيل بعض ألفاظ الآية عليه تكلف لا يخفى فالظاهر ما ذكرنا.