أي بالخروج من ديارهم وأموالهم وأهليهم لَيَخْرُجُنَ
أي مجاهدين. و (جهد) منصوب على الحالية. أو هو مصدر (لأقسموا) من معناه. وهو مستعار من (جهد نفسه) إذا بلغ وسعها. أي أكدوا الأيمان وشدّدوها قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ
أي لا تقسموا على ذلك وتشددوا لترضونا. فإن الأمر المطلوب منكم طاعة معروفة، لا تنكرها النفس. إذ لا حرج فيها.
فأطيعوا بالمعروف من غير حلف، كما يطيع المؤمنون. وقيل: معناه طاعتكم طاعة معروفة. أي أنها قول بلا عمل. إذ عرف كذبكم في أيمانكم. كما قال تعالى يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ [التوبة: ٩٦] ، الآية وقال تعالى: اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً [المجادلة: ١٦] ، الآية فهم من سجيتهم الكذب حتى فيما يختارونه، كما قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ [الحشر: ١١- ١٢] ، وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ
أي من الأعمال الظاهرة والباطنة، التي منها الأيمان الكاذبة، وما تضمرونه من النفاق ومخادعة المؤمنين، التي لا تخفى على من يعلم السر وأخفى.
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، فَإِنْ تَوَلَّوْا أي تولوا عن الإطاعة فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ أي كلفه من أداء الرسالة. فإذا أدى فقد خرج من عهدة تكليفه.
وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ أي ما أمرتم به من الطاعة والتلقي بالقبول والإذعان والقيام بمقتضاه وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا أي لأنه يدعوكم إلى الصراط المستقيم. فإن أطعتموه فقد أحرزتم نصيبكم من الخروج عن الضلالة إلى الهدى. وإن لم تفعلوا وتوليتم فقد عرّضتم نفوسكم لسخط الله وعذابه وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ أي التبليغ البيّن بنفسه، أو الموضح لما أمرتم به.
ولما تضمن قوله تعالى: تَهْتَدُوا إشارة إلى وعد كريم ومستقبل فخيم، استأنف التصريح به تقريرا له، بقوله سبحانه: