وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً أي اتخذا بها بيوتا مباءة تلازمونها لتجتمع كلمتكم في شأنكم وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي مصلى وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أي في بيوتكم: قال بعضهم: كانوا خائفين. وفي ذلك دلالة على جواز كتم الصلاة عند الخوف. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ أي بالنصرة في الدنيا، والجنة في العقبى.
وَقالَ مُوسى أي يدعو الله تعالى في إذهاب عزة فرعون رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً أي ما يتزين به من اللباس والمراكب والحلي وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ أي بالتكبر عليك وعلى آياتك ورسلك. وقوله:
لِيُضِلُّوا متعلق ب (ءاتيت) ، وأعيد رَبَّنا توكيدا، و (لام) لِيُضِلُّوا لام العاقبة والصيرورة. أي: آتيتهم النعم المذكورة ليشكروها ويتبعوا سبيلك، فكان عاقبة أمرهم أنهم كفروا وضلوا عن سبيلك. وتجويز جعل اللام للعلة استدراجا. أو لام الدعاء عليهم بذلك- توسع في غير متسع، ونبوّ عن لطف المساق وسره فإن موسى لما رأى القوم مصرين على الكفر والعناد أخذ في الدعاء عليهم، ومن حق من يدعو على الغير أن يقدم بين يدي دعائه ما دفعه واضطره إلى الابتهال، لتحق إجابته ولذا، بين أولا ضلالهم عن السبيل بكفرانهم للنعم، وعتوهم على المحسن بها تمهيدا لقوله: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ أي أهلكها لأنهم يستعينون بنعمتك على معصيتك وأصل (الطمس) محو الأثر والتغير وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ أي اجعلها