للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: بما يأمر به على ألسنة رسله إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ أي: العمل المؤدّي إليهما.

وتقديم الجنة هنا على المغفرة مع سبقها عليها، لرعاية مقابلة النار ابتداء بِإِذْنِهِ بأمره وَيُبَيِّنُ آياتِهِ أمره ونهيه في التزويج لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ لكي يتعظوا وينتهوا عن تزويج الحرام، ويوالوا أولياء الله- وهم المؤمنون- بالمعاشرة والمصاهرة فيفوزوا بما دعوا إليه من الجنة والغفران.

هذا وقد قيل: معنى وَاللَّهُ يَدْعُوا وأولياء الله يدعون، وهم المؤمنون. على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. تشريفا لهم، وتفخيما لشأنهم، حيث جعل فعلهم فعل نفسه صورة. وملحظة رعاية المقابلة، كأنه قيل: أعداء الله يدعون إلى النار، وأولياء الله يدعون إلى الجنة والمغفرة. إلا إنّ فيه فوات رعاية تناسب الضمائر، فإن الضمير في المعطوف على الخبر أعني قوله تعالى: وَيُبَيِّنُ لله تعالى، فيلزم التفكيك:

[تنبيه:]

قال الراغب: حقيقة التذكّر، الاستدراك عن نسيان أو غفلة لما اشتبه القلب.

قال: إن قيل: إلى أي شيء أشار بهذا التذكر؟ قيل: إن الله عزّ وجلّ ركّب فينا بالفطرة معرفته ومعرفة آلائه. والإنسان- باستفادة العلم- يتذكّر ما ذكر فيه، فهذا معنى التذكر، ثم قال: وقد قيل: الرجاء من الله واجب. بمعنى أنه إذا رجانا حقّق رجانا. قال: وهذه مسألة لا يمكن تصوّرها إن لم نبلغها بتعاطي هذه الأفعال التي شرطها الله تعالى. فلذلك صعب إدراكها لنا.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢٢]]

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ، وهو الدم الخارج من الرحم على وجه مخصوص في وقت مخصوص. ويسمّى الحيض أيضا. أي: هل يسبب ويقتضي مجانبة مسّ من رأته؟ قُلْ هُوَ أَذىً، أي: الحيض شيء يستقذر ويؤذي من يقربه. نفرة منه وكراهة له. فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ، أي: فاجتنبوا مجامعتهنّ في زمنه.

قال الراغب: في قوله تعالى: هُوَ أَذىً، تنبيه على أن العقل يقتضي تجنبه،

<<  <  ج: ص:  >  >>