الصالحين. كما روي عن ابن عباس- فبعيد غير مناسب لعموم الآية. كذا في (الشهاب) .
وقال الناصر: في التعبير عنهم، بالأنفس، تنبيه على السر الذي اقتضى إباحة الأكل من هذه البيوت المعدودة، وأن ذلك إنما كان، لأنها بالنسبة إلى الداخل كبيت نفسه، لاتحاد القرابة.. فليطب نفسا بانبساط فيها تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أي ثابتة بأمر، مشروعة من لدنه مُبارَكَةً أي مستتبعة لزيادة الخير والثواب ودوامها طَيِّبَةً أي تطيب بها نفس المستمع كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي ما فيها من الأحكام أو الآداب القائدة إلى سعادة الدارين.
ولما أمر تعالى بالاستئذان عند الدخول، أرشد إلى الاستئذان عند الانصراف من مجلسه صلوات الله عليه، بقوله سبحانه:
قال الزمخشري: أراد عزّ وجلّ أن يريهم عظم الجناية ذهاب الذاهب من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذنه. فجعل ترك ذهابهم حتى يستأذنوه، ثالث الإيمان بالله والإيمان برسوله. وجعلهما كالتشبيب له والبساط لذكره. وذلك مع تصدير الجملة (بإنما) وإيقاع المؤمنين مبتدأ مخبرا عنه بموصول، أحاطت صلته بذكر الإيمانين.
ثم عقبه بما يزيده توكيدا وتشديدا، حيث أعاده على أسلوب آخر، وهو قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وضمنه شيئا آخر. وهو أنه جعل الاستئذان كالمصداق لصحة الإيمانين، وعرّض بحال المؤمنين وتسلّلهم لواذا.
ومعنى قوله: لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ لم يذهبوا حتى يستأذنوه ويأذن لهم، ألا تراه كيف علق الأمر بعد وجود استئذانهم بمشيئته وإذنه لمن استوصب أن يأذن له.