الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ أي من أجل أقاربهم من قتلى أحد وَقَعَدُوا أي والحال قد قعدوا عنهم خذلانا لهم لَوْ أَطاعُونا أي في الرجوع ما قُتِلُوا كما لم نقتل قُلْ كأنكم تزعمون ادعاء القدرة على دفع الموت فَادْرَؤُا أي ادفعوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ أي فإنها أقرب إليكم من أنفسهم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أن الموت يغني منه حذر، والمعنى أن عدم قتلكم كان بسبب أنه لم يكن مكتوبا عليكم، لا بسبب أنكم دفعتموه بالقعود، مع كتابته عليكم، فإن ذلك مما لا سبيل إليه.
قال ابن القيّم: وكان من الحكمة تقديره تعالى في هذه الواقعة تكلم المنافقين بما في نفوسهم، فسمعه المؤمنون، وسمعوا رد الله عليهم، وجوابه لهم، وعرفوا موادّ النفاق، وما يؤول إليه، وكيف يحرم صاحبه سعادة الدنيا والآخرة، فيعود عليه بفساد الدنيا والآخرة. فلله كم من حكمة في ضمن هذه القصة بالغة، ونعمة على المؤمنين سابغة، وكم فيها من تحذير وتخويف، وإرشاد وتنبيه، وتعريف بأسباب الخير والشر ومآلهما وعاقبتهما.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٦٩]]
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً كلام مستأنف مسوق لبيان أن القتل الذي يحذرونه ويحذّرون الناس منه، ليس مما يحذر، بل هو من أجلّ المطالب التي يتنافس فيها المتنافسون، إثر بيان أن الحذر لا يجدي ولا يغني، أي لا تحسبنهم أمواتا تعطلت أرواحهم بَلْ هم أَحْياءٌ فوق الدنيا لأنهم مقربون عِنْدَ رَبِّهِمْ إذ بذلوا له أرواحهم، لا بمعنى بقاء أرواحهم ورجوعها إليه، لمشاركة