أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ روى العوفي في (تفسيره) عن ابن عباس أن المشركين قالوا: عمارة بيت الله، وقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد. وكانوا يفخرون بالحرم، ويستكبرون به، من أجل أنهم أهله وعماره. فخير الله الإيمان والجهاد مع رسوله، على عمارة المشركين البيت، قيامهم على السقاية، وبيّن أن ذلك لا ينفعهم مع الشرك، وأنهم ظالمون بشركهم، لا تغني عمارتهم شيئا.
قال اللغويون:(السقاية) بالكسر والضم موضع السقي. وفي (التهذيب) : هو الموضع المتخذ فيه الشراب في المواسم وغيرها. انتهى.
وفي (التاج) : سقاية الحاج ما كانت قريش تسقيه للحجاج من الزبيب المنبوذ في الماء، وكان يليها العباس رضي الله عنه في الجاهلية والإسلام. انتهى.
وروى الإمام مسلم «١» عن النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال رجل: ما أبالي ألّا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام وقال الآخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يوم الجمعة. ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه. فأنزل الله عز وجل أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ ... الآية.
ورواه عبد الرزاق في (مصنفه) ولفظه: إن رجلا قال: ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج. وقال آخر: ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام ... الحديث.
قال بعضهم: فظاهر هذه الرواية أن المفاضلة كانت بين بعض المسلمين المؤثرين للسقاية والعمارة على الهجرة والجهاد ونظائرهما، ونزلت الآية في ذلك، مع أن الرواية السالفة عن ابن عباس تنافيه. وكذا تخصيص ذكر الإيمان بجانب المشبه