وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ المراد برحمة الله الجنة، عبر عنها بالرحمة تنبيها على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى فإنه لا يدخل الجنة إلا برحمته تعالى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٠٨]]
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ الإشارة إلى ما تقدم من الوعد والوعيد وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ أي لا يشاء أن يظلم عباده، فيأخذ أحدا بغير جرم، أو يزيد في عقاب مجرم، أو ينقص من ثواب محسن. قال الرازيّ: إنما حسن ذكر الظلم هاهنا لأنه تقدم ذكر العقوبة الشديدة، وهو سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين فكأنه تعالى يعتذر عن ذلك، وقال: إنهم ما وقعوا فيه إلا لسبب أفعالهم المنكرة، وكل ذلك مما يشعر بأن جانب الرحمة مغلّب. وقال أبو السعود: وفي سبك الجملة نوع إيماء إلى التعريض بأن الكفرة هم الظالمون، ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد، كما في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس: ٤٤] .
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٠٩]]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أي له تعالى وحده، من غير شركة، ما فيهما من المخلوقات ملكا وخلقا إحياء وإماتة وإثابة وتعذيبا وَإِلَى اللَّهِ أي إلى حكمه وقضائه تُرْجَعُ الْأُمُورُ أي أمورهم فيجازي كلّا منهم بما وعده وأوعده، فلا داعي له إلى الظلم؟ لأنه غنيّ عن كل شيء، وقادر على كل شيء.