صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته، فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته. كذا في (تاج العروس) -.
وأسند العقر إلى جميعهم، لأنه كان برضاهم، وإن لم يباشره إلا بعضهم. ويقال للقبيلة الضخمة: أنتم فعلتم كذا وما فعله إلا واحد منهم. كذا في (الكشاف) .
قال أبو السعود: وفيه من تهويل الأمر وتفظيعه، بحيث أصابت غائلته الكل، ما لا يخفى.
وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ أي استكبروا عن امتثاله، وهو عبادته وحده، أو الحذر من مسّ الناقة بسوء. وزادوا في الاستهزاء وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا أي: من العذاب على عقر الناقة. والأمر للاستعجال لأنهم يعتقدون أنه لا يتأتى ذلك، ولذا قالوا: إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ أي فإن الله ينصر رسله على أعدائه.
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أي: الصيحة التي يحصل منها الزلزلة الشديدة بدل صوت الناقة عند عقرها، وبدل حركتها عند نزع الروح فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ في بلادهم أو مساكنهم جاثِمِينَ أي: ساقطين على وجوههم، هامدين لا يتحركون، ميتين بدل موت الناقة وسقوطها. والصيحة والزلزلة من آثار الريح المرسلة التي كانت رحمة فانقلبت عذابا.
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩)
فَتَوَلَّى أي فأعرض صالح عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي المتضمنة لتخويف العذاب عنه وَنَصَحْتُ لَكُمْ فأمرتكم بكل خير، ونهيتكم عن كل شر وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ أي من الرسل والأنبياء والعلماء لمخالفتهم أهويتكم. والظاهر أن صالحا عليه السلام كان مشاهدا لما جرى عليهم، وأنه تولى عنهم، بعد ما أبصرهم جاثمين، تولّي مغتمّ متحسر على ما فاته من إيمانهم، يتحزن لهم بقوله يا قَوْمِ ... إلخ كذا في (الكشاف) . أو خاطبهم خطاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم