وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ قال ابن جرير: يعني تعالى ذكره بذلك:
ولا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل. فجعل بذلك آكل مال أخيه بالباطل كالآكل مال نفسه بالباطل، ونظير ذلك قوله تعالى: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الحجرات:
١١] . وقوله وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: ٢٩] ، بمعنى: لا يلمز بعضكم بعضا ولا يقتل بعضكم بعضا. لأنه تعالى جعل المؤمنين إخوة. وكذلك تفعل العرب.
تكني عن أنفسها بأخواتها، وعن أخواتها بأنفسها لأن أخا الرجل عندها كنفسه فتأويل الكلام: ولا يأكل بعضكم أموال بعض فيما بينكم بالباطل، وأكله بالباطل أكله من غير الوجه الذي أباحه الله لآكليه.
و (بينكم) : إما ظرف ل (تأكلوا) بمعنى: لا تتناولوها فيما بينكم بالأكل، أو حال من (الأموال) أي: لا تأكلوها كائنة بينكم ودائرة بينكم. و (بالباطل) في موضع نصب ب (تأكلوا) أي: لا تأخذوها بالسبب بالباطل- أي الوجه الذي لم يبحه الله تعالى- ويجوز أن يكون حالا من (الأموال) أي: لا تأكلوها متلبسة بالباطل. أو من الفاعل في (تأكلوا) أي: لا تأكلوها مبطلين أي متلبسين بالباطل وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ أي: تخاصموا بها- أي: بأموالهم- إلى الحكام مجزوم عطفا على النهي، ويؤيده قراءة أبيّ (ولا تدلوا) بإعادة (لا الناهية) والإدلاء: مأخوذ من إدلاء الدلو وهو إرسالها في البئر للاستقاء ثم استعير لكلّ إلقاء قول أو فعل توصّلا إلى شيء ومنه يقال للمحتجّ: أدلى بحجّته. كأنه يرسلها ليصير إلى مراده، كإدلاء المستقي الدلو ليصل إلى مطلوبه من الماء. وفلان يدلي إلى الميت بقرابة أو رحم، إذا كان منتسبا إليه. فيطلب الميراث بتلك النسبة ف (الباء) صلة الإدلاء تجوزا به عن الإلقاء كما ذكرنا. والمعنى: لا تلقوا أمرها- والحكومة فيها- إلى الحكام. أو