للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذا الوجه لصار تكرارا محضا من غير فائدة. ولوقع فعل الرسول بعسفان وببطن نخل على خلاف نص القرآن. وإنه غير جائز. نقله الرازيّ.

وقال الخطابيّ: صلاة الخوف أنواع صلاها النبيّ صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وأشكال متباينة. يتحرى في ذلك كله ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة. فهي مع اختلاف صورها متفقة المعنى. انتهى. وأنواعها مبينة في شروح السنة. ثم حثهم تعالى على الجهاد بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٠٤]]

وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٠٤)

وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ أي: لا تضعفوا في طلب عدوّكم بالقتال بل جدّوا فيهم واقعدوا لهم كل مرصد. ثم ألزمهم الحجة بقوله سبحانه إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ أي: ليس ما تجدون من الألم بالجرح والقتل مختصا بكم بل هو مشترك بينكم وبينهم. كما قال تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ [آل عمران: ١٤٠] . ثم زاد في تقرير الحجة، وبيّن أن المؤمنين أولى بالمصابرة على القتال من المشركين بقوله تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ يعني وتأملون من القرب من الله واستحقاق الدرجات من جناته وإظهار دينه، كما وعدكم إياه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ما لا يأملونه، فأنتم أولى بالجهاد منهم وأجدر بإقامة كلمة الله وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً أي: فلا يكلفكم إلا بما يعلم أنه سبب لصلاحكم في دينكم ودنياكم. فجدوا في الامتثال بذلك فإن فيه عواقب حميدة.

قال بعض مفسري الزيدية: ثمرة وجوب الجهاد وأنه لا يسقط لما يحصل من المضرة بالجراح ونحوه. وأن التجلد وطلب ما يقوّى لازم، وما يحصل به الوهن لا يجوز فعله. وتدل على جواز المعارضة والحجاج لقوله فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ وتدل على أن للمجاهد أن يجاهد لطلب الثواب لقوله وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ فجعل هذا سببا باعثا على الجهاد. هذا معنى كلام الحاكم. ونظير هذا: لو صلى لطلب الثواب أو السلامة من العقاب. وقد ذكر في ذلك خلاف. فعن الراضي بالله: يجزي ذلك. وقواه الفقيه يحيى بن أحمد. وعن أبي مضر: لا يجزي. لأنه لم ينو الوجه الذي شرع الواجب له. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>