للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لطيفة:]

إن قيل: إن السياق في تعديد نعمه تعالى على عيسى عليه السلام وقول الكفار في حقه. إن هذا إلا سحر مبين، ليس من النعم بحسب الظاهر. فما السر في ذكره؟

فالجواب: إن من الأمثال المشهورة: إن كل ذي نعمة محسود. فطعن اليهود فيه بهذا الكلام يدل علي أن نعم الله في حقه كانت عظيمة. فحسن ذكره عند تعديد النعم، للوجه الذي ذكرناه. أفاده الرازيّ.

ولما بين تعالى النعم اللازمة، تأثّرها بنعمه عليه المتعدية، فقال سبحانه.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ١١١]]

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (١١١)

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أي: بطريق الإلهام والإلفاء في القلب أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي أي: عن دعوته قالُوا آمَنَّا وأكدوا إيمانهم بقولهم وَاشْهَدْ أي:

لتؤديها عند ربك بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ أي: منقادون لكل ما تدعونا إليه.

[وهاهنا لطائف:]

الأولى- إنما قدموا ذكر الإيمان لأنه صفة القلب. والإسلام عبارة عن الانقياد والخضوع في الظاهر. يعني آمنا بقلوبنا وانقدنا بظواهرنا.

الثانية- إنما ذكر تعالى هذا في معرض تعديد النعم. لأن صيرورة الإنسان مقبول القول عند الناس. محبوبا في قلوبهم. من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان.

كذا قاله الرازيّ.

قال المهايميّ: ليحصل له رتبة التكميل وثواب رشدهم.

الثالثة: قال الرازيّ: إن قيل: إنه تعالى قال في أول الآية اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ ثم إن جميع ما ذكره تعالى من النعم مختص بعيسى عليه السلام، وليس لأمه تعلق بشيء منها. قلنا: كل ما حصل للولد من النعم الجليلة والدرجات العالية، فهو حاصل، على سبيل التضمن والتبع للأم. ولذلك قال تعالى: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً [المؤمنون: ٥٠] . فجعلهما معا آية واحدة لشدة اتصال كل واحد منهما بالآخر. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>