وشر، فلما تقاربا أدرجهما في عبارة واحدة. وخص عبارة دفع الضر، لأنه هو المتوقع لهؤلاء، إذ الآية في سياق التهديد، أو الوعيد الشديد. وهي نظير قوله: قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً [الأحزاب: ١٧] ، فإن العصمة إنما تكون من السوء لا من الرحمة. فهاتان الآيتان يرامان في التقرير الذي ذكرته- والله أعلم-.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : الآيات ١٢ الى ١٣]
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ أي اعتقدتم أنه لن يرجع الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً أي بل تستأصلهم قريش. وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ أي حسّن الشيطان ذلك وصححه، حتى حبب لكم التخلف. وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وهو عدم نصر الرسول، وعدم رجوعهم من سفرهم هذا. وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً هالكين، مستوجبين لسخط الله، أو فاسدين في أعمالكم ونياتكم.
وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً أي: من النار تسعتر عليهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : آية ١٤]]
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً قال ابن جرير: هذا من الله جل ثناؤه حثّ لهؤلاء الأعراب المتخلفين عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، على التوبة والمراجعة إلى أمر الله، في طاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم. يقول لهم:
بادروا بالتوبة من تخلفكم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإن الله يغفر للتائبين، لأنه لم يزل ذا عفو عن عقوبة التائبين إليه من ذنوبهم ومعاصيهم من عباده، وذا رحمة بهم أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد توبتهم منها.